القصة الثالثة: فوزووز ولغز الحديقة الذابلة

بعد عدة أيام من مغامرتهم الإبداعية، ذهب محمد ولينا إلى مدرستهما ولاحظا شيئًا محزنًا. نباتات الطماطم في حديقة المدرسة، التي كانوا يعتنون بها، بدأت أوراقها تصفر وتذبل.

قالت لينا بقلق: “ماذا يحدث لنباتاتنا؟ إنها تبدو مريضة”. وقال محمد: “يجب أن نكتشف السبب! لنصبح محققين ونحل هذا اللغز”.

عندما عادا إلى المنزل، أخبرا فوزووز بالمشكلة. أضاءت عينا فوزووز وقال: “فكرة رائعة! يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أفضل محقق على الإطلاق. لحل أي لغز، يتبع المحققون الآليون خطوات منظمة تسمى دورة حياة التعلم الآلي (ML Lifecycle)”.

“وما هي أول خطوة؟” سأل محمد بحماس.

أجاب فوزووز: “الخطوة الأولى هي جمع الأدلة وتحضيرها (Data Ingestion and Preparation). نحتاج إلى أدلة جيدة، أو ما نسميه ‘بيانات’. أفضل دليل يمكننا جمعه هو صور للنباتات كل يوم”.

في اليوم التالي، أخذ الأطفال كاميرا وبدأوا في التقاط صور واضحة لكل نبتة في الحديقة، وكتابة التاريخ والوقت على كل صورة.

قال فوزووز: “عمل ممتاز! هذه بيانات عالية الجودة (Data Quality) ومنظمة، وهو أهم شيء لنجاح أي تحقيق”. بعد تجميع صور لعدة أيام،

قال فوزووز: “حان وقت الخطوة الثانية: تدريب المحقق الآلي (Model Training). الآن، يجب أن تعلموني كيف أكون خبيرًا في النباتات”.

جلس الأطفال مع فوزووز وبدأوا في تصنيف الصور. أشارت لينا إلى صورة نبتة خضراء وقالت: “هذه نبتة سليمة”. وأشار محمد إلى صورة نبتة صفراء وقال: “وهذه نبتة مريضة”. كرروا هذه العملية مع عشرات الصور.

قال فوزووز: “رائع! ما تفعلانه الآن يسمى التعلم الخاضع للإشراف (Supervised Learning). أنتم تعطونني أمثلة مصنفة، وأنا أتعلم منها الأنماط التي تميز النبتة المريضة عن السليمة”.

بعد أن انتهى فوزووز من التعلم، قال: “أنا جاهز! لقد تم تدريب ‘نموذج المحقق’ الخاص بي. حان وقت الخطوة الثالثة: نشر المحقق في الميدان (Model Deployment). الآن يمكنني تحليل كل الصور واكتشاف النمط الخفي”.

بدأ فوزووز في معالجة مئات الصور بسرعة فائقة. وبعد لحظات، ظهرت على شاشته خريطة للحديقة. قال فوزووز: “لقد حللت اللغز! لقد لاحظت نمطًا واضحًا. النباتات التي بدأت تمرض أولاً هي تلك الموجودة في الركن الخلفي من الحديقة، وهي التي لا تصلها شمس الصباح المباشرة”.

صاحت لينا: “إذن المشكلة هي قلة ضوء الشمس!”. قال محمد: “يجب أن نخبر المعلمة لننقلها إلى مكان مشمس!”.

“بالضبط!” قال فوزووز. “وهنا تأتي الخطوة الرابعة والأخيرة: إدارة النموذج (Model Management). يجب أن نستمر في مراقبة النباتات وإعطائي بيانات جديدة، لأتأكد من أن تحليلي يظل دقيقًا ومفيدًا مع مرور الوقت”.

في اليوم التالي، ساعد محمد ولينا في نقل النباتات المريضة إلى مكان مشمس. وبعد أسبوع، بدأت النباتات تستعيد لونها الأخضر وصحتها. لقد شعروا بالفخر، ليس فقط لأنهم أنقذوا الحديقة، بل لأنهم تعلموا كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي كشريك ذكي في حل المشكلات الحقيقية، خطوة بخطوة، ودليل بدليل.

وفي طريق عودتهم، تساءلت لينا: “لقد نجحنا لأننا أعطيناك أمثلة مصنفة. لكن ماذا لو واجهنا لغزًا ليس له أي تصنيفات على الإطلاق؟”.

في مغامرتنا التالية سنستكشف سويا ذلك !