في “وادي الطموح”، كان الصديقان “فوزووز” و”مُبتكر” يواجهان يومًا صعبًا، كلٌ في ورشته. كان “مُبتكر” جالسًا وسط حطام اختراعه الجديد. لقد فشل الجهاز في العمل، وشعر “مُبتكر” بالإحباط واليأس. كان ينظر إلى نفسه على أنه فاشل، وأن أفكاره لا قيمة لها. في نفس الوقت، كان “فوزووز” في ورشته، ينظر بأسى إلى قطعة خشبية ثمينة. لقد ارتكب خطأً فادحًا في النحت، وظهر شرخٌ واضحٌ في التصميم. شعر بأنه حرفي سيء، وأن مهارته التي وثق بها قد خانته.

الصداقة الحقيقية هي ولاية ودعم. الصديق الحق ليس من يجاملك دائمًا، بل هو من يقوّمك بلطف، وينصحك بحكمة، ويأمرك بالمعروف وينهاك عن الخطأ. هذه الصداقة تستجلب رحمة الله وبركاته.
شعر “فوزووز” بالضيق، فقرر أن يخرج ليمشي قليلاً. مر بورشة “مُبتكر”، فرآه جالسًا على الأرض، محاطًا بالأسلاك المحترقة، ويبدو عليه اليأس التام. نسي “فوزووز” خطأه للحظة، واقترب من صديقه. “ما الأمر يا مُبتكر؟” سأل “فوزووز” بقلق.
قال “مُبتكر” بمرارة: “لا شيء. مجرد فشل آخر. أنا لست جيدًا كما أظن”. هنا، تذكر “فوزووز” معنى “ولاية الصديق”. أدرك أن دوره الآن ليس المواساة، بل “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. قال “فوزووز” بحزم وقوة: “اصمت يا مُبتكر! هذا هو المنكر بعينه! يأسك هذا هو عدوك، وأنا أنهاك عنه”.
تفاجأ “مُبتكر” من نبرة صديقه. أشار “فوزووز” إلى قطعة سليمة من الاختراع وقال: “أما المعروف الذي يجب أن تتذكره، فهو هذا. انظر إلى هذه الدائرة! هذه فكرة عبقرية لم يفكر بها أحد قبلك! هذا هو ‘الخير’ الذي فيك، وأنا آمرك أن تتذكره الآن”.
شعر “مُبتكر” بأن كلمات “فوزووز” القوية أزاحت عن قلبه غيمة اليأس. نظر إلى صديقه وقال: “شكرًا لك… ولكن، ما الذي كان يضايقك أنت؟ رأيتك شاردًا قبل أن تدخل”. هنا، شعر “فوزووز” بالخجل وأراه القطعة المشروخة. “لقد ارتكبت ‘خطأً’ غبيًا. التصميم كله تلف”.
الآن، جاء دور “مُبتكر” ليمارس “ولاية الصديق”. لم يسخر منه، ولم يقل “لا بأس”. بل مارس “تقويم الخطأ بحُسن النطق”. أمسك “مُبتكر” بالقطعة وتأملها. ثم ابتسم وقال: “يا فوزووز، هذا ليس خطأً. هذا ‘تصحيح مسار’. انظر، هذا الشرخ كشف لك نقطة ضعف في التصميم. لو أنك ملأته بهذه المادة اللاصقة الجديدة التي اخترعتها، ثم نحتّ عليه بهذا الشكل… سيصبح أقوى وأجمل مما كان!”.
نظر “فوزووز” إلى صديقه بامتنان. لقد أدركا كلاهما في تلك اللحظة معنى الصداقة الحقيقية. إنها ليست مجرد رفقة، بل “ولاية”؛ أحدهما ينهى صديقه عن “شر” اليأس، والآخر “يقوّم خطأ” صديقه بحكمة. وبذلك، شعر كلاهما بأن رحمة الله قد نزلت عليهما من خلال صداقتهما.

يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.