سر الامتلاء

كانت ورشة “فوزووز” مليئة بتحفه الفنية. كان الجميع في “وادي الطموح” ينظرون بإعجاب إلى كل ما “يمتلكه” من إبداعات. لقد وصل إلى مرحلة “الاقتناء”، فكل ما كان يحلم بصنعه، أصبح الآن ملكًا له. لكن، ورغم كل هذا الامتلاء المادي، كان “فوزووز” يشعر بفراغٍ غامض في قلبه. كان يجلس أحيانًا وسط تحفه، ويشعر بأن شيئًا ما مفقود. لم يكن “شعور الهناء” الذي توقعه موجودًا.

كانت لديه قطعة فنية صغيرة، نحتها منذ زمن. كانت عبارة عن طائر خشبي صغير، مُتقن لدرجة الكمال. كانت القطعة المفضلة لديه، وكان يحتفظ بها لنفسه، يراها كل يوم ويشعر بالفخر “بامتلاكها”. في أحد الأيام، وبينما كان “فوزووز” ينظر من نافذة ورشته، رأى الطفلة “نورفي” تلعب في الحديقة المجاورة. لم يكن معها ألعاب، كانت تمسك بغصن شجرة صغير، وتجري به وتديره في الهواء، متخيلة أنه طائر يحلق.

شعر “فوزووز” بوخزة في قلبه. نظر إلى الطائر الخشبي المثالي الذي “يحبه” على رفه، ثم نظر إلى “نورفي” وهي تلعب بغصنها. في تلك اللحظة، فهم شيئًا عميقًا. أدرك أن فراغ قلبه لن يملأه “اقتناء” هذا الطائر، مهما كان جميلاً.

نزل “فوزووز” من ورشته، وفي يده تلك القطعة التي “يحبها” أكثر من أي شيء آخر. اقترب من “نورفي” وقال لها بابتسامة: “أعتقد أن هذا الطائر يريد أن يحلق معكِ”. عندما رأت “نورفي” الطائر الخشبي، اتسعت عيناها بفرحٍ نقيٍ وصادق. أمسكته بين يديها وبدأت تجري به في سعادة غامرة.

وقف “فوزووز” يراقبها. الفرح الذي شعر به في تلك اللحظة، وهو يرى سعادة “نورفي”، كان شعورًا عميقًا لم يمنحه إياه “امتلاك” الطائر أبدًا. لقد اختفى الفراغ الذي في قلبه. أدرك “فوزووز” أن “سر الامتلاء” الحقيقي ليس في أن تملك ما تحب، بل في “البِرّ” بأن “تُنفق مما تحب”. لقد فهم أن هذا العطاء هو عين الخير الحقيقي.