كنز اللحظة

كان “فوزووز” يجلس في ورشته، محاطًا بأجمل أنواع الخشب وأدق أدواته. كان كل شيء حوله يدعو للسلام والإبداع، لكن عقل “فوزووز” لم يكن هناك. كان جسده يمسك بالإزميل، لكن عقله كان سجينًا في مكانين آخرين. أحيانًا، كان يسافر إلى سجن “الماضي الذي ولّى”. كان عقله يعيد ويكرر خطأً ارتكبه في تصميم سابق، ويجلد نفسه عليه. “كيف لم أنتبه لذلك؟ لقد أفسدت كل شيء”.

وأحيانًا أخرى، كان يهرب إلى سجن “الآتي البعيد”. يقلق بشأن “معرض الربيع” القادم بعد شهور. “ماذا لو لم يعجبهم تصميمي؟ ماذا لو فشلت؟”. وبينما كان عقله يتأرجح بين هذين السجنين، “الماضي” و”المستقبل”، انزلقت يده، وكاد أن يفسد القطعة الثمينة التي يعمل عليها “الآن”.

في تلك اللحظة، دخل عليه صديقه الحكيم “رشيد”. نظر “رشيد” إلى “فوزووز”، ثم إلى القطعة التي كاد يفسدها. “يداك هنا يا فوزووز، ولكن أين عقلك؟” سأل “رشيد” بهدوء. تنهد “فوزووز” وقال: “لا أعرف. أنا تائه. عقلي إما في خطأ الأمس، أو في خوف الغد”.

ابتسم “رشيد” وجلس بجانبه. “يا بني، أنت تحبس نفسك في سجنَيْن، كلاهما غيب وتفكير شديد. الماضي انتهى ولن يعود، والمستقبل لم يأتِ وهو في علم الله”. ثم أشار “رشيد” إلى قطعة الخشب التي بين يدي “فوزووز” وقال: “إن كنزك الوحيد… هو ‘عيشك الآن’. هذه اللحظة التي تلمس فيها هذا الخشب. هذا هو الكنز الوحيد الذي تملكه حقًا”.

“ولكن كيف أعود إليه؟” سأل “فوزووز”. قال “رشيد”: “الأمر بسيط. عندما تجد عقلك يهرب إلى الماضي أو المستقبل، لا تقاومه. فقط لاحظه، واتركه يمر كأنه سحابة. ثم أعد انتباهك إلى ‘الآن’”.

“اسأل نفسك: ماذا أفعل ‘الآن’؟ أنا ‘الآن’ أنحت هذا الخشب. استشعر ملمسه. شم رائحته. استمع إلى صوت الأداة. كن ‘هنا’ بكل كيانك. ففي هذه اللحظة، وفي هذا ‘الكنز’، ستجد السلام والسكينة ومعية ربك”.

بدأ “فوزووز” في تطبيق النصيحة. كلما وجد عقله شاردًا، كان يعود بلطف إلى “الآن”. شيئًا فشيئًا، وجد “فوزووز” أنه لم يعد أسيرًا. لقد تحرر من سجونه، وبدأ يستمتع بكنزه الحقيقي: اللحظة الحاضرة.