عُقد اجتماع كبير في ساحة “وادي الطموح”. وقف “قيّم”، كبير حكماء الوادي وصاحب الرأي السديد، ليعرض فكرة مشروع جديد: “سوف نبني ‘الجسر المعلق العظيم’ ليربط ضفتي النهر!”. كانت فكرة ثورية. على الفور، قفز “مُبتكر” بحماس: “يا لها من فكرة عبقرية! سيسهل هذا حركة الجميع!”. وأضافت “رونزا” بحماس: “سيبدو رائعًا! أنا أوافق بشدة!”.

صفق الجميع. كان الاتفاق سريعًا وساحقًا. الكل كان متحمسًا للبدء فورًا. إلا “فوزووز”. كان “فوزووز” جالسًا في الخلف، ينظر إلى المخططات الأولية التي عرضها “قيّم”، وشعر بقبضة باردة في معدته. كان هناك خطأ.

لم يكن الخطأ في الفكرة، فالفكرة رائعة. لكن “فوزووز”، بصفته النجار الأفضل، كان يعرف طبيعة الخشب في تلك المنطقة. المخطط يعتمد على أعمدة من خشب “الصنوبر” لحمل الجسر. بدأ صوته الداخلي يهمس: “كيف ستتكلم؟ ‘قيّم’ هو من قدم الفكرة، والجميع وافق. ستبدو وكأنك سلبي وتعارض التقدم. اصمت أفضل”.

لكنه تذكر حكمة تعلمها من “رشيد”: “قوة الفريق ليست في سرعة اتفاقهم على الخطأ، بل في صراحة وحكمة أحدهم ليقول الحق”. شعر “فوزووز” أنه من واجبه أن يكون “منصفًا” للوادي. وقرر أن يتمسك “بقيمته” كحرفي أمين، وأن يكون “صادقًا”. رفع يده بتردد. سكت الجميع ونظروا إليه.

وقف “فوزووز” وقال بصوت واضح وهادئ، (دون اعتذار): “يا سيدي ‘قيّم’، فكرة الجسر عظيمة، وكلنا نحتاجها”. ثم تابع بصدق: “لكني، بصفتي حرفيًا، أتمسك بقيمة عملي. المخطط يقترح استخدام خشب الصنوبر. هذا الخشب لا يتحمل الرطوبة العالية قرب النهر، وسينهار الجسر بأكمله بعد سنوات قليلة. هذه هي ‘الحقيقة’”.

عم الصمت الغرفة. نظر “مُبتكر” إليه بامتعاض. لكن “قيّم” نظر إلى “فوزووز” نظرة تقدير عميقة. لم يغضب، بل سأل: “وما هو الحل في رأيك يا فوزووز؟”. أجاب “فوزووز” بثقة: “نستخدم خشب ‘السنديان’. إنه أغلى قليلاً، ولكنه سيعيش مئة عام. الأمانة في البناء هي قيمتنا”.

ابتسم “قيّم” وقال أمام الجميع: “شكرًا لك يا فوزووز. صراحتك وحكمتك الآن، أزالت ‘هولاً’ عظيمًا كان سيحدث في المستقبل. لقد أنقذت المشروع، ولم تعرقله”. أدرك الجميع في تلك اللحظة أن قوة فريقهم الحقيقية لم تكن في اتفاقهم السريع، بل في شجاعة “فوزووز” على قول الحقيقة بحكمة.