كان “فوزووز” هو القلب النابض لـ “وادي الطموح”. ورشته لا تهدأ، وكان دائمًا أول من يساعد الجميع. إذا تعطل شيء في ورشة “مُبتكر”، يذهب “فوزووز” لإصلاحه. وإذا احتاجت “رونزا” مساعدة في متجرها، يهرع “فوزووز” إليها. كان يعمل من شروق الشمس حتى منتصف الليل، لا يرد طلبًا لأحد. لكن في أحد الأسابيع، وبعد أن أكمل مشروعًا ضخمًا للوادي، شعر “فوزووز” بشيء لم يشعر به من قبل: لقد انطفأ نوره.

في سعيك لخدمة الآخرين، لا تنسَ أن لنفسك عليك حقًا. الاهتمام براحتك ليس أنانية، بل ضرورة. فالنفس كالشمعة، إذا لم تعتنِ بها، سينطفئ نورها ولن تتمكن من إضاءة طريق من حولك.
وقف أمام طاولة عمله، ينظر إلى مشاريعه الجديدة التي كان يحبها، فلم يشعر بأي شغف. شعر بإرهاق شديد، ليس في جسده فقط، بل في روحه. لأول مرة، قرر “فوزووز” أن يغلق ورشته في اليوم التالي. كتب لافتة صغيرة تقول: “مغلق للراحة”.
لكنه لم يستطع أن يرتاح. جلس في بيته يشعر بذنب هائل. كان صوته الداخلي يلومه: “كيف تغلق بابك؟ هذا غرور وأنانية. الناس يعتمدون عليك. أنت تخذلهم”. كان يشعر أن حقه في الراحة هو خيانة لواجباته. وبينما هو في ذروة قلقه من “راحته”، طرق بابه “رشيد” الحكيم.
“أغلقت ورشتك اليوم يا فوزووز، لكني أراك هنا أكثر تعبًا من عملك”، قال “رشيد” بهدوء. قال “فوزووز” بأسى: “أشعر بالذنب. لدي واجبات، لكن نفسي تطلب الراحة. أشعر بالأنانيّة”.
ابتسم “رشيد” وقال: “يا بني، إن حقك في الراحة ليس غرورًا. انظر إلى مصباحك ذاك، كيف له أن يبقى مضيئًا إن لم تملأه بالزيت؟”. وتابع: “النفس تحتاج حقها لتظل قادرة على العطاء. من يضيع حق نفسه في الراحة، لن يقدر أبدًا أن يعطي غيره عطاءً مثمرًا. إن راحتك ليست ضد واجبك، بل هي جزء من واجبك لتستطيع الاستمرار”.
شعر “فوزووز” وكأن حملاً ثقيلاً قد أزيح عن صدره. أدرك أن إعطاء نفسه “حق الراحة” لم يكن أنانية، بل كان هو الشرط الأساسي ليتمكن من مواصلة العطاء. في ذلك اليوم، ارتاح “فوزووز” بسلام حقيقي. وعندما عاد إلى ورشته في اليوم التالي، عاد نوره أقوى، وعطاؤه أثمر.

يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.