الكلمة الحبيسة

كان “فوزووز” يحمل في عقله فكرة لامعة. فكرة لتصميم جديد ومختلف كليًا، شيء لم يره “وادي الطموح” من قبل. بعد أيام، عُقد اجتماع عام لسكان الوادي لمناقشة أفكار جديدة لتطوير الساحة الرئيسية. جلس “فوزووز” في الصفوف الخلفية، وفكرته تلمع في عقله كالجمرة.

أراد أن يرفع يده ليتكلم. لكنه نظر حوله. رأى “قيّم” الحازم، و”مُبتكر” البارع، وبقية الحرفيين. فجأة، بدأ “سجن الأفكار” يُبنى حوله. همس صوته الداخلي: “ماذا لو ضحكوا؟ ماذا لو قالوا إنها فكرة سخيفة؟ من تظن نفسك لتقترح شيئًا كهذا؟”. هذا الخوف من حكم الناس كان كافيًا. جعل فكرته اللامعة تذبل في قلبه وتصغر. صمت “فوزووز”، وانتهى الاجتماع، وبقيت فكرته حبيسة صدره.

في طريق عودته إلى ورشته، كان “فوزووز” يشعر بثقلٍ هائل. لم يكن حزينًا لأنهم رفضوا فكرته، بل كان حزينًا لأنه هو من سجنها ولم يمنحها فرصة الحياة. صادفه “رشيد” الحكيم، ورأى على وجهه هذا الضيق. “تبدو وكأنك تحمل كنزًا وتدفنه في نفس الوقت يا فوزووز”. قال “رشيد” بهدوء.

قال “فوزووز” بخجل: “كانت لدي فكرة في الاجتماع… لكني خشيت أن يسخروا منها”. نظر إليه “رشيد” بحكمة عميقة وقال: “وهل خوفك من نظرة الناس، أكبر من إيمانك بقيمة فكرتك؟ يا بني، أنت تخشى الناس، وهذا هو القيد”.

“إن الشجاعة ليست في أن يوافق الجميع على ما تقول، بل في أن تقول ما تؤمن به. ثق بأن الله لم يضع هذه الفكرة في عقلك عبثًا. أطلقها، ودعها تجد طريقها. خشية أن تكتم خيرًا، يجب أن تكون أكبر من خشيتك لحكم الخلق”. لامست كلمات “رشيد” قلب “فوزووز” وفكّت قيوده.

في اليوم التالي، لم ينتظر “فوزووز” اجتماعًا. ذهب مباشرة إلى ورشة “مُبتكر”، ووقف أمامه، وبصوتٍ واضح وثابت، شرح له فكرته بالكامل. عندما انتهى، صمت “مُبتكر” للحظة، ثم اتسعت عيناه وقال: “فوزووز! هذه فكرة عبقرية! لماذا لم تقلها أمس في الاجتماع؟”. شعر “فوزووز” بحرية لم يشعر بها من قبل. لقد حرر كلمته، وأطلق فكرته من سجن الخوف، ووجد أنها تستحق أن تُسمع.