كان “فوزووز” يمتلك موهبة لا يضاهيه فيها أحد في “وادي الطموح”. كانت يداه تحولان الخشب الصامت إلى تُحف فنية تنبض بالحياة. لكن، كان لـ “فوزووز” عدو خفي يسكن داخل ورشته… عدو اسمه “الشك في القدرة”. مهما كان العمل الذي ينجزه رائعًا، كان “فوزووز” ينظر إليه ويرى العيوب فقط. إذا مدحه شخص، كان يبتسم في حرج ويقول في نفسه: “إنه يقول ذلك مجاملةً. لو عرف الحقيقة”. كان هذا العدو يجعله يخفي أفضل مزاياه وخبرته.

أكبر عدو يواجه المبدعين ليس نقص الإمكانيات، بل الشك الداخلي. هذا الصوت الذي يهمس بأن عملك ليس جيدًا يجعلك تخفي مواهبك. اكسر هذا القيد. ثق بقدراتك، وقدر قيمة ما تقدمه.
في أحد الأيام، انتهى “فوزووز” من صنع قطعة فنية معقدة، ربما تكون أجمل ما صنعته يداه. نظر إليها، وبدلاً من أن يشعر بالفخر، بدأ صوته الداخلي يهمس: “إنها ليست جيدة كفاية. سيسخر الناس من هذا التصميم”. بقلبٍ ثقيل، حمل “فوزووز” القطعة ليخبئها في الغرفة الخلفية للورشة، بعيدًا عن الأنظار.
في تلك اللحظة، دخل عليه صديقه الحكيم “رشيد”. رآه وهو يخبئ التحفة الفنية. “لماذا تخفي هذا الجمال يا فوزووز؟” سأل “رشيد” بهدوء. تلعثم “فوزووز” وقال: “أوه، هذه؟ إنها مجرد تجربة فاشلة يا رشيد، مليئة بالعيوب. لا تستحق العرض”.
لم يجادل “رشيد”. بل اقترب من القطعة، ولمسها بإعجاب، ثم سأل: “أخبرني، كيف جعلت هذا الخشب ينحني بهذا الشكل المستحيل؟” بدأ “فوزووز” يشرح بتردد، ثم بحماس، عن التقنية المعقدة التي طورها بنفسه. “ثم استخدمت إزميلاً خاصًا للنقش…”
قاطعه “رشيد”: “وما قصة هذا النقش؟” انطلق “فوزووز” يروي بشغف كيف استلهم النقش من شكل السحاب فوق الوادي. كان يتحدث وعيناه تلمعان، ناسيًا تمامًا “عيوبه” المزعومة.
عندما انتهى “فوزووز”، ابتسم “رشيد” ابتسامة عميقة وقال: “يا فوزووز، هل سمعت نفسك الآن؟ هل سمعت الخبير الذي كان يتحدث؟” صمت “فوزووز”. قال “رشيد”: “عدو إبداعك الحقيقي هو شكك في قدرتك. لقد جعلت هذا الشك يخفي مزاياك عن نفسك وعن الناس. ثق بنفسك يا بني، وأظهر ما لديك. تقديرك لذاتك هو الذي سيجعل قيمتك تظهر بين يديك”.
شعر “فوزووز” وكأن غشاوة قد انزاحت عن عينيه. أخذ القطعة الفنية من الغرفة الخلفية، ووضعها بفخر في واجهة ورشته. أدرك أن قيمته لم تكن في انتظار أن يراها الآخرون، بل في أن يثق هو بها أولاً ويظهرها للعالم.

يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.