حصن الظن الجميل

صنع “فوزووز” لنفسه سترة عمل جديدة. كانت بلونٍ زاهٍ وتصميمٍ مختلف عن كل ما يرتديه أهل “وادي الطموح”. شعر بالفخر بابتكاره، وقرر أن يرتديها في جولته الصباحية إلى السوق. بينما كان يمشي، شعر بأنظار الناس تتجه إليه. لاحظ أن اثنين من جيرانه يتهامسان وهما ينظران إليه.

في لحظة، بدأ عقله يفسر الأمور. “إنهم يسخرون مني”، فكّر “فوزووز” وشعر بالخجل. “بالتأكيد يعتقدون أن سترتي سخيفة. لا أحد يرتدي هذا اللون”. ثم زاد الأمر سوءًا. رأى صديقيه المقربين، “رونزا” و”مُبتكر”، يقفان عند زاوية المتجر. كانا يضحكان ويتحدثان بحماس حول “خطة” ما. وعندما لمحاه، توقفا فجأة عن الضحك ونظرا إليه.

هنا، انفجر بركان الظنون في رأس “فوزووز”. “إنهم يضحكون عليّ! ويتحدثون عني من وراء ظهري. حتى صمتهما الآن هو دليل عداوة”. شعر “فوزووز” بجرح عميق. عاد مسرعًا إلى ورشته، خلع السترة، وألقاها في زاوية. شعر بالغضب والحزن، وقرر أنه لن يتحدث مع صديقيه مرة أخرى.

بعد ساعات، زاره “رشيد” الحكيم. وجده “فوزووز” في حالة يُرثى لها من الضيق. “ما بك يا فوزووز؟ تبدو وكأنك خسرت كل شيء”. قال “فوزووز” بمرارة: “لقد اكتشفت أن الجميع يسخر مني، حتى أقرب أصدقائي”. وحكى له قصة السترة والهمسات والضحكات التي توقفت.

ابتسم “رشيد” بهدوء وقال: “يا فوزووز، أنت لم ترَ الحقيقة، أنت رأيت ما فسره عقلك بالظنون. لقد تركت عقلك يرى من صمتهم عداوة”. “ماذا تقصد؟” سأل “فوزووز”.

“احمل الأمر على الخير يا بني، وعش سعيدًا. ماذا لو كانت القصة مختلفة؟ ماذا لو كان الناس ينظرون إليك بإعجاب لأنك تجرأت على ارتداء لون جديد؟ وماذا لو كان صديقاك لا يضحكان عليك، بل كانا يدبران لك مفاجأة سارة، وصمتا حتى لا يفسداها؟”. “اجعل حُسن ظنك هو حصنك القوي”.

شعر “فوزووز” بالخجل من تسرعه. في تلك اللحظة، انفتح باب الورشة، ودخل “مُبتكر” و”رونزا” وهما يحملان كعكة كبيرة ويغنيان: “مفاجأة!”. نظرت “رونزا” إلى “فوزووز” وقالت: “كنا نخطط للاحتفال معك بإنجازك الأخير! وكدنا نفسد المفاجأة عندما رأيناك في السوق هذا الصباح!”.

ثم أضاف “مُبتكر”: “بالمناسبة، هذه السترة رائعة! لونها مُلهم جدًا، كنت أريد أن أسألك من أين أتيت بها!”. نظر “فوزووز” إلى صديقيه، ثم إلى “رشيد”. أدرك أنه كاد أن يهدم صداقته بسبب ظنون لا أساس لها. لقد تعلم في ذلك اليوم أن يعيش محصنًا بـ “حصن الظن الجميل”.