قَيْد اللوم

كان “فوزووز” يحمل بداخله رفيقًا خفيًا وثقيلًا… رفيقًا اسمه “لوم الذات”. كان هذا الرفيق يهمس في أذنه مع كل حدث. إذا هبت عاصفة فجأة وأتلفت بعض الزرع في “وادي الطموح”، كان “لوم الذات” يهمس: “لو أنك أصلحت السياج الأسبوع الماضي، لما حدث هذا”.

إذا رأى صديقته “رونزا” تبدو حزينة أو صامتة في متجرها، كان “لوم الذات” يصرخ: “بالتأكيد أنت قلت شيئًا أغضبها أمس. كل هذا بسببك”. كان “فوزووز” يقضي أيامه في محاولة لإصلاح أخطاء لم يرتكبها، وحمل هموم لم تكن تخصه. أصبح يشعر بأنه مقيد بأثقل قيد، وهو لوم نفسه على ذنوب لم يفعلها.

في أحد الأيام، كان يعمل على مشروع مشترك مع “مُبتكر”. بسبب خطأ في الحسابات من “مُبتكر”، انهار النموذج الأولي. ورغم أن “مُبتكر” تحمل المسؤولية، إلا أن “فوزووز” ذهب إلى ورشته وهو يجلد نفسه: “كان يجب أن أراجع حساباته. كان يجب أن أعرف. أنا شريك سيء”.

شعر بالإرهاق من هذا الثقل، فذهب إلى “المُعالج” في الوادي، وأخبره بأنه يشعر أنه سبب كل مشكلة تحدث. نظر إليه “المُعالج” بحكمة وقال: “يا فوزووز، أنت تعيش وكأنك المسؤول عن المطر والشمس ومزاج كل من في الوادي. هذا ثقيل جدًا”.

قال “فوزووز”: “لكني أشعر بالذنب”. رد “المُعالج”: “أنت تخلط بين المسؤولية واللوم. إن الله يريد بنا اليسر، وأنت تختار لنفسك أصعب طريق. ارفق بنفسك يا بني، وكن بها رحيمًا. هذا اللطف هو حقها عليك”.

“كيف أفعل ذلك؟” سأل “فوزووز”. قال “المُعالج”: “في المرة القادمة التي يهمس فيها صوت اللوم، اسأله: هل هذا حقًا خطئي؟ هل كان هذا في نطاق قدرتي؟ أم أني أحمل نفسي ما لا أطيق؟”.

في اليوم التالي، رأى “فوزووز” “رونزا” تبدو حزينة مرة أخرى. وبدأ صوت اللوم: “أنت السبب…”. لكن “فوزووز” توقف، وتذكر كلمات “المُعالج”. بدلاً من الهروب، اقترب منها وسألها بلطف: “هل كل شيء على ما يرام يا رونزا؟ تبدين متعبة”. نظرت إليه “رونزا” وابتسمت ابتسامة باهتة: “أوه، فوزووز، شكرًا لسؤالك. لم أنم جيدًا الليلة الماضية، أشعر بالصداع فقط”.

في تلك اللحظة، شعر “فوزووز” بأن القيد الثقيل الذي كان حول قلبه قد انكسر. لم يكن الأمر يتعلق به أصلاً. أدرك أن التعاطف مع نفسه، والرفق بها، هو أول خطوة نحو السلام الحقيقي.