كان “فوزووز” على وشك تقديم أهم عرض في مسيرته. كان عميلًا كبيرًا قد حضر إلى “وادي الطموح” ليرى التصميم الجديد الذي عمل عليه “فوزووز” وشريكه “مُبتكر” لأسابيع. كان هذا العرض هو الفرصة الذهبية التي سيترتب عليها مستقبل الورشة. قبل الاجتماع بساعة واحدة، وبينما كان “فوزووز” يراجع الأوراق النهائية، تلقى رسالة عاجلة من “مُبتكر” يقول فيها: “آسف يا صديقي، لدي حالة طارئة جدًا في عائلتي ويجب أن أغادر فورًا. تركت لك المخططات النهائية على الطاولة”.

عندما تشتد الأزمات، قد لا تكفي الخطط وحدها. هناك قوة أعظم تمنحنا الثبات الحقيقي: الثقة بالله والتوكل عليه. هذا اليقين يملأ القلب بالسكينة، ويجعل أصعب التحديات تبدو ممكنة وميسرة.
شعر “فوزووز” ببداية قلق، لكنه قال لنفسه “لا بأس، يمكنني تدبر الأمر”. ذهب إلى طاولة “مُبتكر” ليلقي نظرة على المخططات… وكادت الأرض أن تسقط من تحت قدميه. كانت المخططات مليئة بالأخطاء الحسابية والتفاصيل الناقصة. لقد كانت كارثة.
في لحظة واحدة، وجد “فوزووز” نفسه وحيدًا، أمام عمل ناقص، واجتماع مصيري بعد 60 دقيقة. شعر بأن الأزمة تخنقه وأن الفرج مستحيل. بدلاً من الاستسلام للذعر، أغلق “فوزووز” عينيه للحظة. لم يحاول وضع خطة عبقرية، بل كل ما فعله هو أن بحث عن نقطة ثبات في داخله.
أولاً، بحث عن المعنى. تخيل ابتسامة فريقه وفرحتهم عند نجاح العرض. ثانيًا، لجأ إلى مصدر القوة. دعا بقلبه أن يرزقه الله الهدوء والتركيز ليرى ما لا يراه الآن. ثالثًا، استرخى. أخذ نفسًا عميقًا جدًا، وشعر بالتوتر يغادر كتفيه. رابعًا، ركز على خطوة واحدة. نظر إلى الفوضى أمامه وقال: “لن أحل كل شيء. سأبدأ بتصحيح هذا الخطأ الحسابي الأول فقط”. خامسًا، طلب العون. أدرك أنه لن يستطيع تعديل التصميمات الجمالية في الوقت المتبقي. فاتصل بصديقته “رونزا” ذات الذوق الرفيع وقال لها: “أنا في أزمة. أحتاج مساعدتك في تجميل هذا الغلاف الآن، هل يمكنكِ؟” سادساً، شجع نفسه. نظر إلى صورة صغيرة لابنته على مكتبه، وابتسم وقال لنفسه: “بعون الله، سأعبر هذا”.
بدأ “فوزووز” العمل بهدوء عجيب. ركز على كل خطأ وقام بتصحيحه، الواحد تلو الآخر. وصلت “رونزا” وساعدته في ترتيب العرض ليبدو احترافيًا. قبل دقيقتين فقط من موعد الاجتماع، كان كل شيء جاهزًا. دخل “فوزووز” الاجتماع بقلبٍ يملؤه السكينة. قدم العرض بثقة وهدوء أذهلت العميل، الذي أعجب بشدة بدقة التفاصيل واحترافية العمل.
عندما عاد “فوزووز” إلى ورشته، وجد رسالة اعتذار طويلة من “مُبتكر”. أدرك “فوزووز” أن الفرج أتى في وقت الأزمة، ليس بخطة سحرية، بل بلحظة “ثقة” ملأت قلبه، فجعلت الصعب يسيرًا، وحولت الموقف المستحيل إلى نجاح باهر.

يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.