كان “فوزووز” متحمسًا لبدء شراكة جديدة في ورشته. لقد انضم إليه “فوردج”، وهو حرفي آخر في “وادي الطموح”، للعمل معًا على مشروع كبير. كان “فوزووز” يرى هذا التعاون كفرصة لدمج الأفكار والإبداع. لكن منذ اليوم الأول، بدأت الجراح الخفية. عندما كان “فوزووز” يعرض بحماس جزءًا من العمل أنجزه ببراعة، كان “فوردج” ينظر إليه ببرود ويقول: “جيد. لكن ألم يكن بإمكانك إنجازه بشكل أسرع؟”. هذه الكلمات، رغم بساطتها، كانت كالإبرة التي توخز شغف “فوزووز”.

جروح الجسد قد تلتئم، لكن جروح الكلمات قد تترك ندوبًا عميقة. العلاقات الصحية هي التي ترفع من شأنك وتصون كرامتك. إذا وجدت نفسك في علاقة تؤذيك كلماتها، فتذكر أن تقديرك لذاتك يقتضي منك اختيار ما هو أفضل.
مرت الأيام، وتعمق هذا النمط. إذا حاول “فوزووز” مشاركة فرحة صغيرة أو نجاح بسيط، كان “فوردج” يقلل من شأنه: “هذا هو عملك الطبيعي، لا يحتاج كل هذا الاحتفاء”. وإذا احتاج “فوزووز” إلى الدعم أو واجهته مشكلة، كان “فوردج” ينسحب عاطفيًا. يغلق على نفسه، ويدير له ظهره، ويتعامل معه بصمت بارد عقابًا له على احتياجه.
والأسوأ من ذلك، كان “فوردج” بارعًا في إلقاء اللوم. إذا حدث أي خطأ، حتى لو كان بسببه هو، كان يقول لـ “فوزووز”: “هذا ما حدث لأنك لم تتبع طريقتي بالضبط. أنت دائمًا تعقد الأمور”. بدأ “فوزووز” يشعر بالإنهاك. لم يعد يشعر بالفخر بعمله، بل أصبح يمشي على قشر بيض حول “فوردج”. أصبح يشك في كل قرار يتخذه، وتساءل: “هل أنا حقًا بهذا السوء؟ هل أنا عبء على هذا المشروع؟”.
لقد تحولت الورشة المليئة بالإبداع إلى سجن من التوتر والشك الذاتي. في إحدى الأمسيات، بعد أن واجه “فوزووز” شريكه “فوردج” بشأن خطأ واضح، رد عليه “فوردج” ببراعة: “أنا أفعل كل هذا من أجلك، وأنت تجادلني؟ يا لقلة تقديرك!”. شعر “فوزووز” بالذنب، وصمت.
رآه صديقه الحكيم “رشيد” جالسًا وحيدًا، يبدو عليه الحزن والإرهاق. سأله “رشيد”: “ما الذي أطفأ نورك يا فوزووز؟”. أخبره “فوزووز” عن إحباطه وعن كلمات “فوردج” التي تجعله يشعر بأنه بلا قيمة.
نظر إليه “رشيد” بعمق وقال: “يا فوزووز، إن أقسى الجراح ليست التي نراها على البدن، بل هي جراح الكلمات التي تبقى في القلب طول الزمن. الشراكة والحب يجب أن يرفعا من قدرك ويضما جراحك، لا أن يكونا هما سببها. إذا كانت العلاقة لا تزيدك إلا شكًا في نفسك، فهذا ليس حبًا ولا شراكة، بل هو عذاب وبلاء”.
أدرك “فوزووز” في تلك اللحظة أنه يستحق ما هو أفضل. يستحق التقدير والاحترام. في اليوم التالي، وبقلبٍ مثقل ولكن حازم، أنهى “فوزووز” شراكته مع “فوردج”. لم يكن قرارًا سهلًا، لكنه كان ضروريًا ليبدأ رحلة شفاء جراحه العميقة، واستعادة ثقته بنفسه وبقيمته الحقيقية.

يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.