قوة العثرة

كان “فوزووز” معروفًا في “وادي الطموح” بأنه الحرفي الأكثر إتقانًا. كانت ورشته تنتج أجمل القطع وأذكى الاختراعات. كان الجميع ينظرون إليه بإعجاب، لكن “فوزووز” كان يحمل في داخله سرًا ثقيلًا: لقد كان يشعر بأنه “محتال”. كان لديه إيمان راسخ بأن “الخطأ الواحد يدمر كل شيء”. كان يرى كل ثغرة صغيرة في أعماله كدليل على فشله. إذا لم تكن القطعة مثالية تمامًا، فإنه يعتبرها كارثة.

لا أحد منا كامل، والخطأ جزء طبيعي من التجربة. الثقة الحقيقية لا تعني أنك لن تخطئ، بل تكمن في إيمانك بقدرتك على النهوض بعد كل عثرة، محولًا كل فشل إلى درجة في سلم نجاحك.

في أحد الأيام، كان “فوزووز” يعمل على أهم مشروع في حياته، وهو تصميم معقد كان سيعرضه في المهرجان السنوي للوادي. وبينما كان يضع اللمسات الأخيرة، انزلقت يده، وانكسر جزء دقيق لا يمكن إصلاحه. تجمد “فوزووز” في مكانه. شعر بغيمة سوداء من اليأس تبتلعه. هذا الخطأ البسيط كان في نظره نهاية العالم.

حاول أصدقاؤه، “مُبتكر” و”رونزا”، تشجيعه. قال له “مُبتكر”: “لا بأس يا صديقي، كلنا نخطئ! يمكننا البدء من جديد”. لكن “فوزووز”، المقتنع بفشله، دفعهم بعيدًا بلطف، قائلاً: “أنتم لا تفهمون. لقد أفسدت كل شيء”. أغلق ورشته وانعزل، غارقًا في شعوره بالنقص. بعد يومين من عزلته، زاره “رشيد” الحكيم. وجد “رشيد” “فوزووز” جالسًا في ورشته المظلمة، ينظر إلى القطعة المكسورة. جلس “رشيد” بجانبه ولم يتكلم في البداية. ثم قال بهدوء: “أخبرني يا فوزووز، هل تعتقد أن ثقتك بنفسك تعني أنك لن تخطئ أبدًا؟”

نظر إليه “فوزووز” بحزن وقال: “بالطبع. كيف يثق بي الناس إذا كنت أرتكب أخطاء كهذه؟” ابتسم “رشيد” وقال: “يا بني، هذه ليست ثقة، هذا سعيٌ للكمال. والكمال ليس من صفاتنا. الكل يخطئ، هذا هو طبع الحال. الثقة الحقيقية ليست في أن تتجنب السقوط، بل هي العزيمة الثابتة التي تجعلك تنهض بعد أن تتعثر”.

شارك “رشيد” قصته: “عندما كنت في مثل عمرك، حاولت بناء بئر للوادي، وفشلت مرارًا. وفي كل مرة كنت أشعر بالخجل، لكني تعلمت شيئًا جديدًا عن الأرض وعن الماء. لم تأتِ ثقتي من البئر المثالي الأول، بل أتت من كل المحاولات الفاشلة التي سبقته”. أضاءت كلمات “رشيد” شيئًا في قلب “فوزووز”. نظر إلى القطعة المكسورة، لكنه لم يعد يرى “فشلاً”، بل رأى “درسًا”. أدرك أن العثرة لم تكن نهاية الطريق، بل جزءًا منه.

في اليوم التالي، فتح “فوزووز” ورشته. لم يبدأ من جديد، بل أخذ القطعة المكسورة وبنى عليها تصميمًا جديدًا، تصميمًا يدمج الكسر كجزء من جمال القطعة. عندما عرض عمله في المهرجان، لم يكن مثاليًا بالمعنى الذي كان يسعى إليه، لكنه كان أقوى وأكثر أصالة. أدرك “فوزووز” أن قوته لم تكن في تجنب العثرات، بل في قدرته على النهوض أقوى وأكثر حكمة بعد كل مرة يصبر فيها.