كان “فوزووز” يشعر بفخر كبير. لقد أنهى للتو مشروعًا معقدًا لأحد أهم العملاء في “وادي الطموح”، وبذل فيه كل جهده. وبينما كان يرتشف قهوة الصباح، فتح صندوق رسائله ليجد ردًا من العميل. لكن ما قرأه جعل الدم يغلي في عروقه. كانت الرسالة مليئة بالكلمات القاسية والاتهامات بالتقصير، ولومٍ حادٍ على مشكلة صغيرة لا تعكس أبدًا حجم الجهد المبذول.

الغضب عاطفة قوية قد تدمر علاقاتنا. الحكمة تكمن في “الوقفة”؛ تلك اللحظة الثمينة بين الموقف وردة فعلك. هذه الوقفة ليست ضعفًا، بل هي قمة القوة والتحكم التي تتيح لعاصفة المشاعر أن تهدأ، وتحمي نفسك من الندم وعلاقاتك من الانهيار.
شعر “فوزووز” بأن بركانًا على وشك الانفجار بداخله. أمسك بلوحة المفاتيح، وكانت أصابعه جاهزة لكتابة رد ناري يدافع فيه عن نفسه ويفنّد كل الاتهامات. لكنه توقف فجأة.
تذكر نصيحة ذهبية قالها له صديقه “قيّم” (المعروف بقدرته على تقييم الأمور بإنصاف): “يا فوزووز، لا تتخذ قرارًا أبدًا وأنت تشعر بالعاصفة في صدرك. أعطِ نفسك ‘وقفة قبل العاصفة’، ففيها الهدوء والفكر”. قرر “فوزووز” أن يتبع خطته التي أعدها لمثل هذه اللحظات تمامًا.
أولاً، كتب كل الرد الغاضب الذي كان يدور في ذهنه، بكل ما فيه من انفعال ودفاع… ولكنه كتبه في مسودة خاصة وأرسلها إلى بريده الإلكتروني الشخصي، وليس للعميل.
ثانيًا، ابتعد عن مكتبه تمامًا. وقف بجوار النافذة، وأخذ يتمدد ليحرر التشنج الذي أصاب رقبته وكتفيه من شدة التوتر.
ثالثًا، أمسك بكرة ضغط صغيرة كانت على مكتبه، وبدأ يعصرها بقوة، مفرغًا فيها كل شحنة الغضب التي تراكمت بداخله.
أخيرًا، ذهب وأعد لنفسه كوبًا جديدًا من الشاي بالنعناع. ركز فقط على رائحة النعناع المنعشة والبخار الدافئ.
بعد عشر دقائق، عاد “فوزووز” إلى مكتبه. هدأت العاصفة تمامًا. فتح الرسالة الغاضبة التي أرسلها لنفسه وقرأها. شعر بالخجل من مدى انفعاله، وحمد الله أنه لم يرسلها.
الآن، بعقلٍ صافٍ، قرأ رسالة العميل مرة أخرى. رأى ما لم يره من قبل: لم يكن العميل يهاجمه شخصيًا، بل كان خائفًا وقلقًا بشأن مشكلته. كتب “فوزووز” ردًا جديدًا كليًا. ردًا هادئًا، واثقًا، يمتص قلق العميل، ويعترف بالمشكلة، ويقدم حلاً عمليًا وفوريًا.
شعر “فوزووز” بالانتصار، ليس على العميل، بل على نفسه. لقد أخذ “وقفة”، فحافظ على هدوئه، وحمى نفسه من الندم، وحول موقفًا متفجرًا إلى فرصة لإظهار الاحترافية.

يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.