كنوز اللحظة

مر “فوزووز” بفترة هي الأثقل على قلبه. فجأة، بدت كل أحلامه وطموحاته باهتة وبعيدة المنال. غاب الأمل من قلبه، وأصبحت أيامه متشابهة، يغطيها ضباب كثيف من الحزن والملل. كان يجلس في ورشته، لكنه لا يعمل. ينظر إلى أدواته التي طالما أحبها، فلا يشعر بأي شيء. لقد فقد العالم ألوانه وطعمه.

في تلك اللحظة، دخل عليه صديقه “واعي”، المعروف بهدوئه وقدرته على رؤية ما لا يراه الآخرون. نظر “واعي” إلى “فوزووز” الجالس في الظلام، ثم نظر إلى النافذة المغلقة. قال “واعي” بصوته الهادئ: “عندما يطغى الحزن على العقل، يصبح العقل سجنًا. لا تحاول أن تفكر في طريقك للخروج منه، بل اشعر بطريقك للخروج”.

لم يفهم “فوزووز” ما يقصده. أمسك “واعي” بيده وقال: “هيا بنا. سنقوم برحلة قصيرة جدًا، بحثًا عن كنوزك المنسية”. خرجا إلى الحديقة الصغيرة خلف الورشة. أوقف “واعي” صديقه “فوزووز” وقال:

“أولاً، البصر. لا تنظر إلى الحديقة كلها. انظر فقط إلى هذه الزهرة أمامك. ركز في لونها. هل ترى كيف يمتزج الأصفر بالأبيض عند الأطراف؟” دقق “فوزووز” النظر، ولأول مرة منذ أيام، رأى “لونًا” حقيقيًا.

“ثانيًا، السمع. أغمض عينيك. ماذا تسمع؟” قال “فوزووز”: “لا شيء”. قال “واعي”: “اسمع بقلبك”. أنصت “فوزووز” بتركيز أعمق. قال: “أسمع… صوت الهواء وهو يحرك أوراق الشجر. وصوت طائر يغرد من بعيد”. شعر بموجة من السلام تسري فيه.

“ثالثًا، الشم. تنفس بعمق من أنفك”. أخذ “فوزووز” نفسًا عميقًا. كانت رائحة التربة الندية بعد المطر تملأ الهواء. رائحة أعادته إلى ذكريات طفولة سعيدة.

“رابعًا، اللمس. المس ورقة الشجرة هذه. مرر أصابعك عليها”. لمس “فوزووز” الورقة. شعر بملمسها الناعم وبرودتها المنعشة. شعر بأنه يلمس شيئًا حقيقيًا.

“أخيرًا، التذوق“. أخرج “واعي” حبة فاكهة صغيرة من جيبه وأعطاها لـ “فوزووز”. “تذوقها ببطء”. وضعها “فوزووز” في فمه. انفجر طعمها الحلو في فمه، وكان ذلك أول شيء “لذيذ” يتذوقه منذ وقت طويل.

فتح “فوزووز” عينيه ونظر إلى صديقه. لم يختفِ حزنه تمامًا، لكن الضباب الكثيف قد انقشع. لم يعد سجينًا في عقله المظلم، بل أصبح حاضرًا في اللحظة. أدرك “فوزووز” أن حواسه هي كنوزه الحقيقية، وهي مرساته التي تعيده إلى الهدوء والسلام كلما جرفته أمواج الهموم.