شَوْكة الحديقة

لم يكن هناك شيء يفخر به “فوزووز” أكثر من حديقته. كانت تحفة فنية من الترتيب والجمال، يضرب بها المثل في “وادي الطموح”. كان يقضي كل صباح ساعات طويلة في رعايتها، يقلم الأغصان بدقة، وينظم الألوان، ويتأكد أن كل زهرة في مكانها المثالي. بالنسبة له، كانت الحديقة رمزًا للكمال.

في أحد الأسابيع، ظهرت نبتة غريبة. كانت نبتة شائكة وعدوانية، بدأت تمتد جذورها وتزاحم زهوره المحبوبة. أصاب “فوزووز” الهلع. كيف يجرؤ هذا “الدخيل الشائك” على تدمير كمال حديقته؟

أعلن الحرب على النبتة. جرب كل شيء: قلعها من جذورها، فظهرت من جديد. استخدم كل وصفة جربها، لكنها كانت تزداد قوة وعنادًا. تحولت متعته بالحديقة إلى إحباط وغضب. أصبح لا يرى جمال الزهور، بل يرى فقط تلك الشوْكة التي فشل في التغلب عليها.

في إحدى الأمسيات، وجده صديقه الحكيم “رشيد” جالسًا على الأرض، يبدو عليه الإرهاق والهزيمة وهو ينظر بكرهٍ إلى النبتة الشائكة. قال “رشيد” بهدوء: “تبدو وكأنك في معركة خاسرة يا صديقي”.

تنهد “فوزووز” بغضب: “هذه الشوكة اللعينة دمرت كل شيء. جربت كل السبل، لكنها ترفض أن تموت. حديقتي لم تعد مثالية”. ابتسم “رشيد” وقال: “ومن قال إن الكمال هو الهدف؟ أحيانًا، نكره الشوكة التي تظهر في طريقنا، دون أن ندرك أنها ربما تحمل درسًا أو تحمي جمالًا خفيًا”.

نظر إليه “فوزووز” بتشكك. “جمال؟ ماذا تقصد؟ إنها مجرد شوكة قبيحة”. قال “رشيد”: “بدلًا من أن تحاربها كل يوم، جرب أن تتقبل وجودها. اهتم بباقي زهورك، واتركها وشأنها قليلًا، وراقبها فقط. ربما تكتشف شيئًا لم تره من قبل”.

رغم عدم اقتناعه، قرر “فوزووز” أن يجرب. كان متعبًا من القتال. توقف عن محاولة استئصال النبتة، واكتفى بتقليمها حتى لا تؤذي جيرانها، وعاد للاهتمام بباقي حديقته.

مرت الأسابيع. وفي أحد الأيام، بينما كان يتفقد الحديقة، لاحظ شيئًا مدهشًا. على أغصان تلك النبتة الشائكة التي كرهها كثيرًا، تفتحت أزهار صغيرة بلونٍ بنفسجيٍ رائع لم يره من قبل. والأكثر من ذلك، أن هذه الأزهار جذبت نوعًا نادرًا وجميلًا من الفراشات إلى حديقته. اكتشف “فوزووز” أيضًا أن جذورها القوية ساعدت على تثبيت التربة في ذلك الركن من الحديقة، مما جعل الزهور المجاورة لها أكثر نضارة.

نظر “فوزووز” إلى حديقته. لم تكن “مثالية” كما كان يريدها في عقله، لكنها كانت أجمل وأكثر حيوية وتنوعًا. أدرك أن الشوكة التي ظنها شرًا، كانت تحمل في داخلها جمالًا لم يكن ليعرفه لولا أنه توقف عن محاربتها. لقد وجد سلامه ليس في الكمال، بل في القبول.