في ورشته الهادئة بوادي الطموح، كان “فوزووز” منهمكًا في عمله كعادته. لكن في صباح أحد الأيام، شعر بشيء غريب. أحس بضجيج ليس له مصدر، لم يكن في أذنيه، بل في صدره. كان عقله مشتتًا وقلبه يشعر بثقلٍ لا يعرف سببه. حاول أن يتجاهل الأمر ويواصل عمله، لكنه لم يستطع التركيز. بدت الأفكار تهرب منه، وشعر بأن همه يزداد مع كل دقيقة تمر. أدرك أنه لا يستطيع حل هذا الشعور بمجرد العمل بجدية أكبر.

عندما يتوه العقل وتثقل الهموم على القلب، يصبح البحث عن حلول في ضجيج العالم رحلة مرهقة. العلاج الحقيقي يكمن في مصدر أعمق وأقرب: “أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”. ذكر الله هو بوصلة تعيد العقل لهدوئه ودواء يشفي القلب المتألم.
تذكر نصيحة تعلمها من “المُعالج” للتعامل مع مثل هذه المشاعر المفاجئة.
أولاً، توقف عن كل شيء. ترك أدواته، وأغمض عينيه، وأخذ نفسًا عميقًا وطويلاً. وضع يده على قلبه ليُشعِره بالسكينة، وردد ذكر يهدئه وتذكره بأن الله له ملجأ وملاذًا من كل هم.
ثانيًا، بدأ يُقيّم الموقف. سأل نفسه بهدوء: “لماذا أشعر هكذا؟ هل حدث شيء سيء؟”. لم يجد إجابة واضحة، فكل شيء كان يسير على ما يرام.
ثالثًا، قرر ألا يبقى وحيدًا مع هذا الشعور. أفضل من يتحدث معه في مثل هذه الأوقات هو صديقه “مُبتكر”، الذي يقع مختبره المليء بالأفكار الجديدة على بعد خطوات من ورشته.
ذهب لزيارته، وما إن رآه “مُبتكر” حتى لاحظ على الفور أن شيئًا ما يقلقه. شاركه “فوزووز” شعوره بالضيق المفاجئ وعقله المشتت الذي لا يعرف له سببًا. استمع إليه “مُبتكر” باهتمام، ثم ابتسم ابتسامة لطيفة وقال: “فوزووز، هل نسيت أي يوم هو اليوم؟”.
نظر فوزووز إليه في حيرة. قال “مُبتكر” وهو يضحك بخفة: “اليوم هو الذكرى السنوية الخامسة لافتتاح ورشتك. أنت تحضّر لتلك الاحتفالية البسيطة منذ أسابيع. ربما يكون هذا الضجيج الذي في قلبك هو مجرد حماس وقلق سعيد بقدوم هذا اليوم المميز”.
في تلك اللحظة، شعر “فوزووز” وكأن ضبابًا كثيفًا قد انقشع عن عقله. تنهد بعمق وشعر براحة تسري في جسده. لقد كان الأمر بهذه البساطة. لم يكن هناك خطر، بل كان قلبه يحتفل بطريقته الخاصة. شكر صديقه وعاد إلى ورشته بقلبٍ مطمئن وعقلٍ صافٍ، ممتنًا لأنه توقف للحظة، وبحث عن السكينة، وشارك ما في قلبه.

يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.